دليلك لتأليف أولى رواياتك.. قالب الرواية والمسودة الأولى والنهائية – الجزء السادس
سنكمل الآن في جزئنا السادس من حيث انتهينا في خطوتنا الحادية عشر وقد
اقتربنا من نهاية خارطتنا المميّزة لكتابة الرواية. في هذا الجُزء سنصبُّ
تركيزنا على اللمسات الأخيرة للرواية والتي ستجعل منها تحفة فنيّة
متكاملة إذا ما أحسنت اتّباعها وأطلقت تفكيرك فيها. كيف تبدأ بكتابة
رواية – الجزء الأول خارطة دليل الرواية، الخطوة الحادية عشر:سنكمل الآن
في جزئنا السادس من حيث انتهينا في خطوتنا الحادية عشر وقد اقتربنا من
نهاية خارطتنا المميّزة لكتابة الرواية. في هذا الجُزء سنصبُّ تركيزنا
على اللمسات الأخيرة للرواية والتي ستجعل منها تحفة فنيّة متكاملة إذا ما
أحسنت اتّباعها وأطلقت تفكيرك فيها.
كيف تبدأ بكتابة رواية – الجزء الأول
خارطة دليل الرواية، الخطوة الحادية عشر: وضع قالب للرواية
عند هذه النقطة أصبحت قاب قوسين أو أدنى من كتابة مسوّدة روايتك الأولى،
ما عليك فعله الآن هو رسم الحدود وإعطاء قالب شامل للخطوات والمراحل التي
قمت بها حتى الآن. خطوة تخطيط الرواية ليست إلا استعراضًا وتلخيصًا عامًا
ولكن شاملًا لمجمل الأحداث منذ بدايتها حتى نهايتها. يجب عليك ذكر كل
التفاصيل الهامة من أفعال الشخصيّات إلى محادثاتها الهامّة وصولًا إلى
وجهاتها وتحرّكاتها.
لا يتوجب عليك الاهتمام بالصيغة اللغوية أثناء كتابة قالب الرواية، عليك
بالوصف السهل اليسير، الذي يسهّل عليك تجميع الأفكار كلها في خندق واحد
حتى تتمكّن فيما بعد من صياغتها بشكل لغوي جيّد ووصف جميل. حاول أن تبتعد
عن التعابير والتوصيفات المبالغ فيها وركّز على الأحداث.
الهدف من صياغة قالب الرواية بهذا الشكل هو مشاهدة فيلم روايتك ورؤية
تفاصيل السيناريوهات التي ألّفتها والتركيز فيها دون تشتيت فكرك في
صياغتها بأسلوب أنيق. ومن المفيد كتابة القالب بصيغة المضارع حتى تتذّكر
دومًا أنّها ليست الرواية.
وإليك مثالًا عن قالب جيّد:
بطلنا المغامر عازم يصل إلى منزل جدّته البعيد، وجدّته بدورها تستقبله،
وهناك يبدأ بوضع مخطّطه للوصول إلى الكنز المدفون في الغابة السوداء،
تحصل هنالك بعض الخلافات بين بطلنا عازم وأصدقائه حول كيفية الوصول
للغابة.
يصل بطلنا وأصدقاؤه إلى الغابة وقد هبط الليل عليهم، وهناك يحاولون البحث
عن مكان جيّد لمكوث ليلتهم، يتفاجأ أبطالنا بأصوات غريبة ويبدأ الخوف
يسيطر عليهم….
أرأيت كيف قمنا بنسج أحداث القصّة بشكل عام دون تفصيل أو بلاغة، في
محاولةٍ لتجميع الأفكار في خندق واحد، لتتمكّن من الإحاطة بها ومراجعتها
بشكل شامل.
دليلك لتأليف أولى رواياتك.. التعريف بخريطة الرواية وبعض النصائح – الجزء الثاني
خارطة دليل الرواية، الخطوة الثانية عشر: المسودّة الأولى
أنت الآن مستعدٌّ لبدء كتابة مسودّة روايتك الأولى وغالبًا يتملكّك
الحماس وبالكاد تقاوم نفسك لبدء خطّ كل تلك التفاصيل التي تطرّقنا لها في
سطور قصّتك. ستلاحظ أنك مع الالتزام بالخطوات السابقة بشكل جيّد، أنّك
ستخرج بمسودّة أولى تفوق في دقة حبكتها المسودّات غير المرتّبة وفق خارطة
كالتي قمنا بها، حتى أن مسودّتك الأولى قد تشابه في ترتيب أفكارها
ونُظمها مسوّدةً ثالثة غير منظّمة.
كل ما عليك فعله الآن أثناء كتابة المسوّدة الأولى هو مراجعة قالب روايتك
ومن ثم نسجها معًا بأسلوب نثري ولغويّ جيّد وتفاصيل وتعابير بلاغيّة
مناسبة وبلغة رصينة مُلفتة. بما أنك تمتلك القالب فسينصب تفكيرك على
البنية اللغوية بدلًا من تشتيته في تجميع هيكلية القصّة وصياغتها معًا.
ومن الجيّد أن تضع خطّة مناسبة لكتابة مسوّدتك بشكل يومي بحيث يتراوح عدد
الكلمات اليوميّة وسطيًّا 500-1000 كلمة. ولا تحاول أن تكون بطلًا
وتنتهي من مسودّتك في ثلاثة أيّام لأن هذا سيؤثّر حتمًا على جودتها، خذ
وقتك ولا تكن عجولًا.
دليلك لتأليف أولى رواياتك.. فحوى وهيكلية الرواية – الجزء الثالث
خارطة دليل الرواية، الخطوة الثالثة عشر: إضفاء بعض السمات والتنوّعات
تهانينا بعد أن انتهيت من كتابة مسوّدتك الأولى فإنك تستحق جائزة وتهنئةً
جيّدة، كافئ نفسك. عليك الآن أن تبطئ من وتيرة التقدّم، دعِ الأفكار التي
وضعتها في مسودتك تختمر في ذهنك جيّدًا قبل الانتقال للمسوّدة الثانية.
ما عليك فعله الآن هو إضفاء بعض التنوّعات والسمات المميّزة التي ستعطي
زخمًا إضافيًّا لروايتك دون أن تؤثّر على القالب الذي وضعناه. حاول أن
تجد السمة (الصفة العامّة) التي سيطرت على مسودّتك الأولى، كالليل (إذا
كانت أحداث الرواية تحدث في معظمها ليلًا مثلًا)، الأجواء الشتوية،
والطقس والأوقات التي تلاحظ حيازتها على الكثير من المشاهد. حاول أن
تقيّم السمات التي ترى سيطرتها على روايتك.
تحديد السمة سيساعدك على تحديد جملة الكلمات والتعابير التي استخدمتها
ومدى صلتها وتوافقها مع هذه السمة. لذلك حاول أن تدوّن السمات وقم
بمراجعتها، مثلًا إذا رأيت أنّك: تكثر من ذكر زقزقة العصافير أو وصف
الطيور، فإنه من الممكن أن تضيف مشهدًا لطير مريض أو مكسور الجناح كنوع
من تأكيد السمة.
دليلك لتأليف أولى رواياتك.. الشخصيات والموجز – الجزء الرابع
خارطة دليل الرواية، الخطوة الرابعة عشر: المسودّة الثانية
في هذه الخطوة ستكون فرصتك الأخيرة لتعديل الأفكار والحبكات التي ترى
فيها ضعفًا أو خللًا واضحًا. سترى أنّ هذه الخطوة عسيرة عليك وخصوصًا إذا
كانت أولى رواياتك، فغالبًا ما ستكون متعلّقًا بكل المشاهد والعناصر التي
قمت بتأليفها، وقد يشقُّ عليك إزالة بعضها أو تغييره ولكن عليك بتجاوز
ذلك والمضي قدمًا.
بعد أن أصبحت راضيًا عن البينة الأساسية لمسودّتك عليك الآن الانتقال إلى
إعادة صياغة وتحرير المسودّة. حتى مع المؤلّفين المتألّقين فإن المسودّة
الأولى تحتوي دائمًا على الكثير من الأخطاء والثغرات، وهذا مُتوقّع،
فالهدف من المسودّة الأولى هو تجسيد الأفكار التي وضعناها في جميع
الخطوات على الورق.
عليك البدء الآن بصقل مسودّتك الأولى، ستجد هذه الخطوة ممتعة حقًا، لأنك
ستكون على تماس مباشر مع الصياغة الأولى لروايتك وستجد شعورًا غامرًا
بالرضا وأنت تقوم بإعادة ترتيب العبارات وتبديل النصوص وإضافة التعابير.
والجدير بالذكر أنك أثناء صياغة المسودّة الثانية ستلاحظ أنك تضطر في
كثير من الأوقات إلى تعديل العبارات أو الكلمات التي استخدمتها مسبقًا.
وخلال هذه الخطوة ستلاحظ أنك بدأت تصل إلى لوحتك الفنيّة النهائيّة. في
هذه الخطوة يجب عليك إقصاء جميع التفاصيل غير المناسبة حتى وإن كانت
جميلة السياق، واحرص تمام الحرص على صياغة بنية لغوية متينة في هذه
المرحلة.
دليلك لتأليف أولى رواياتك.. تطوير الشخصيات والحبكات – الجزء الخامس
خارطة دليل الرواية، الخطوة الخامسة عشر: المسودّة النهائية
وصلنا أخيرًا إلى المرحلة النهائية وقد شارفت على الوصول إلى نقطة
النهاية، لا تكن مستعجلًا في إظهار لوحتك الفنية إلى الملأ بعد. خذ
استراحة لأسبوع واحد على الأقل ثم عد جولة أخيرة إلى روايتك. ستلاحظ أنك
تقتنص بعض الملاحظات والثغرات لم تكن تراها في مراجعتك الثانية، قم
بتصحيح وتصويب ما يحتاج لذلك.
وإليك بعض الأخطاء التي يجب عليك التنبّه لها، والتي يقع معظم الكتّاب في
شِركها في بداية طريقهم:
الإفراط في رسمية الحوارات
المشكلة الأساسية في الحوارات المُختلقة بين الشخصيّات هي أنها مُختلفة
تمامًا عن الحوارات الرسمية على أرض الواقع، فإذا ما وضع الكاتب صيغة
حوار رسميّ في روايته فسيجد القارئ في ذلك مللًا وسقمًا، وذلك لأن
الحوارات الواقعية مليئة بالجمل غير المكتملة والمُداخلات والمُقاطعات.
لذا يجب أن تحرص على أن يكون الحوار بين شخصياتك موجزًا ولكن واضحًا
وموجّهًا ويعطي في الوقت نفسه انطباع الحوار الواقعي. ولجعل الحوار أقل
رسميّةً قم بإقحام العناصر التالية فيه:
الحشو (كلام زائد)، على سبيل المثال: حسنًا، إذًا… إلخ.
المُقاطعات.
التنهّدات أو الاستراحات الكلاميّة.
هل أكثرت من وصف شخصيّاتك
نصيحة أخرى لا بد من أن تلتفت إليها قبل الانتهاء من عملك وهي: لا تكن
أنت من يصف شخصيّاتك، بل دع شخصيّاتك تصف نفسها بنفسها من خلال
تصرّفاتها، إليك مثالًا بسيطًا لذلك:
"كان رامز فوضويًّا، لم يرتب غرفته منذ شهور".
"قام رامز برمي الصحن على الطاولة المليئة بالأغراض، ثم التقط سرواله من
بين أكوام الثياب المكدّسة على الأرض".
أرأيت الفرق؟ في الجملة الثانية استطاع القارئ من خلال تصرّفات الشخصية
نفسها التعرّف على صفاتها. أما في الجملة الأولى فقد يستشعر القارئ ببعض
البرودة والروتينية في تلقي المعلومة وهذا يترك أثرًا رتيبًا سلبيًّا في
تقييمه لعملك.
طابع الحوارات
الحوار الجيّد بين الشخصيات من العناصر الهامة في الرواية الناجحة، فيجب
أن تشدُّ انتباه القارئ وتجعله يعيش لحظة الحوار بشكل واقعي. العديد من
الكتّاب حديثي العهد يقومون أثناء تأليفهم لحواراتهم باستخدام كلمة قال
ومشتقّاتها، كبيّن أو أشار أو نوّه أو ذكر… إلخ فيصبح الحوار شبيهًا بما
يلي:
"تبدين حزينة" قالت علياء
"نعم أنا كذلك" ردّت لجين
تابعت علياء "عليكِ أن تبتهجي قليلًا"
" لا يهمّ" أجابت لجين
هذا الأسلوب -رغم بهرجته بالمرادفات- ممل ويضفي طابعًا رتيبًا على
الحوار. وبدلًا من استخدام المفردات أو التوصيفات للتعبير عن طريقة حوار
الشخصيات، عليك بدلًا من ذلك أن تصف ردود الشخصيات بشكل حيوي عفوي كما قد
يجري في الواقع تمامًا، كما يلي:
"تبدين شاحبة" قالت علياء
لجين وهي تتنهّد "أنا كذلك"
تبسّمت علياء " عليكي أنا تبتهجي قليلًا"
" لا يهم" ردّت لجين متجهّمةً
لا تكن دؤوبًا جدًا في فكرة ما
بمعنى أن لا تكرر نفسك كثيرًا في شرح فكرة ما، محاولًا ترسيخها في ذهن
القارئ بتقديم المعلومة بأشكال وصيغ مختلفة، لا تفعل ذلك.
إليك مثالًا على ذلك:
"أبصر سعيد من بعيد سيّارة متوقّفة وقد أطلق بصره فيها ليرى أنها ليست
سوى سيارة الكاديلاك التي يعشقها، مضى مسرعًا في اتجّاه نوعه المفضل من
السيارات، وشعر بموجة حماس كبيرة عندما رأى أنها حديثة الطراز وبالكاد
تمالك نفسه من لمسها وتفحّصها".
لقد ذكرنا هنا لقارئنا أن سعيد مولع بسيارة الكاديلاك ثلاث مرّات ومع
المرّة الثالثة يكاد القارئ يقول بصوت مرتفع "لقد فهمت ذلك".
لذلك سيكون من الجيّد أن تقتطع من هذا النص ثاني عبارة تصف حبّه للسيارة
وستحصل على جملة متوازنة لا تشعر القارئ بالتخمة في معرفة معلومة ما.
بعد هذه الجولة النهائية من التدقيق والتمحيص في مسودّتك أنت الآن جاهز
لتقديمها للملأ، ولكن إليك نصيحة أخيرة، اعرض قطعتك الفنيّة المميّزة على
النقّاد والخبراء وحتى الكتّاب الآخرين واحصل على ملاحظاتهم وانتقاداتهم
واستفد منها في صقل عملك الفنيّ. هنالك العديد من المواقع التي تشتمل على
أشخاص مهتمين بمراجعة الروايات وتقديم النصائح، استثمر هذه المواقع بشكل
جيّد.
إلى هنا نكون قد انتهينا من خارطة دليل الرواية في خطواتها الخمس عشر،
وتبقّى الآن الخطوة الأخيرة وهي نشر روايتك، وفي هذا الصدد سنقوم بتفصيل
مراحل نشر الرواية والدور الخاصّة بذلك في وطننا العربي في مقال منفصل.
اقتربنا من نهاية خارطتنا المميّزة لكتابة الرواية. في هذا الجُزء سنصبُّ
تركيزنا على اللمسات الأخيرة للرواية والتي ستجعل منها تحفة فنيّة
متكاملة إذا ما أحسنت اتّباعها وأطلقت تفكيرك فيها. كيف تبدأ بكتابة
رواية – الجزء الأول خارطة دليل الرواية، الخطوة الحادية عشر:سنكمل الآن
في جزئنا السادس من حيث انتهينا في خطوتنا الحادية عشر وقد اقتربنا من
نهاية خارطتنا المميّزة لكتابة الرواية. في هذا الجُزء سنصبُّ تركيزنا
على اللمسات الأخيرة للرواية والتي ستجعل منها تحفة فنيّة متكاملة إذا ما
أحسنت اتّباعها وأطلقت تفكيرك فيها.
كيف تبدأ بكتابة رواية – الجزء الأول
خارطة دليل الرواية، الخطوة الحادية عشر: وضع قالب للرواية
عند هذه النقطة أصبحت قاب قوسين أو أدنى من كتابة مسوّدة روايتك الأولى،
ما عليك فعله الآن هو رسم الحدود وإعطاء قالب شامل للخطوات والمراحل التي
قمت بها حتى الآن. خطوة تخطيط الرواية ليست إلا استعراضًا وتلخيصًا عامًا
ولكن شاملًا لمجمل الأحداث منذ بدايتها حتى نهايتها. يجب عليك ذكر كل
التفاصيل الهامة من أفعال الشخصيّات إلى محادثاتها الهامّة وصولًا إلى
وجهاتها وتحرّكاتها.
لا يتوجب عليك الاهتمام بالصيغة اللغوية أثناء كتابة قالب الرواية، عليك
بالوصف السهل اليسير، الذي يسهّل عليك تجميع الأفكار كلها في خندق واحد
حتى تتمكّن فيما بعد من صياغتها بشكل لغوي جيّد ووصف جميل. حاول أن تبتعد
عن التعابير والتوصيفات المبالغ فيها وركّز على الأحداث.
الهدف من صياغة قالب الرواية بهذا الشكل هو مشاهدة فيلم روايتك ورؤية
تفاصيل السيناريوهات التي ألّفتها والتركيز فيها دون تشتيت فكرك في
صياغتها بأسلوب أنيق. ومن المفيد كتابة القالب بصيغة المضارع حتى تتذّكر
دومًا أنّها ليست الرواية.
وإليك مثالًا عن قالب جيّد:
بطلنا المغامر عازم يصل إلى منزل جدّته البعيد، وجدّته بدورها تستقبله،
وهناك يبدأ بوضع مخطّطه للوصول إلى الكنز المدفون في الغابة السوداء،
تحصل هنالك بعض الخلافات بين بطلنا عازم وأصدقائه حول كيفية الوصول
للغابة.
يصل بطلنا وأصدقاؤه إلى الغابة وقد هبط الليل عليهم، وهناك يحاولون البحث
عن مكان جيّد لمكوث ليلتهم، يتفاجأ أبطالنا بأصوات غريبة ويبدأ الخوف
يسيطر عليهم….
أرأيت كيف قمنا بنسج أحداث القصّة بشكل عام دون تفصيل أو بلاغة، في
محاولةٍ لتجميع الأفكار في خندق واحد، لتتمكّن من الإحاطة بها ومراجعتها
بشكل شامل.
دليلك لتأليف أولى رواياتك.. التعريف بخريطة الرواية وبعض النصائح – الجزء الثاني
خارطة دليل الرواية، الخطوة الثانية عشر: المسودّة الأولى
أنت الآن مستعدٌّ لبدء كتابة مسودّة روايتك الأولى وغالبًا يتملكّك
الحماس وبالكاد تقاوم نفسك لبدء خطّ كل تلك التفاصيل التي تطرّقنا لها في
سطور قصّتك. ستلاحظ أنك مع الالتزام بالخطوات السابقة بشكل جيّد، أنّك
ستخرج بمسودّة أولى تفوق في دقة حبكتها المسودّات غير المرتّبة وفق خارطة
كالتي قمنا بها، حتى أن مسودّتك الأولى قد تشابه في ترتيب أفكارها
ونُظمها مسوّدةً ثالثة غير منظّمة.
كل ما عليك فعله الآن أثناء كتابة المسوّدة الأولى هو مراجعة قالب روايتك
ومن ثم نسجها معًا بأسلوب نثري ولغويّ جيّد وتفاصيل وتعابير بلاغيّة
مناسبة وبلغة رصينة مُلفتة. بما أنك تمتلك القالب فسينصب تفكيرك على
البنية اللغوية بدلًا من تشتيته في تجميع هيكلية القصّة وصياغتها معًا.
ومن الجيّد أن تضع خطّة مناسبة لكتابة مسوّدتك بشكل يومي بحيث يتراوح عدد
الكلمات اليوميّة وسطيًّا 500-1000 كلمة. ولا تحاول أن تكون بطلًا
وتنتهي من مسودّتك في ثلاثة أيّام لأن هذا سيؤثّر حتمًا على جودتها، خذ
وقتك ولا تكن عجولًا.
دليلك لتأليف أولى رواياتك.. فحوى وهيكلية الرواية – الجزء الثالث
خارطة دليل الرواية، الخطوة الثالثة عشر: إضفاء بعض السمات والتنوّعات
تهانينا بعد أن انتهيت من كتابة مسوّدتك الأولى فإنك تستحق جائزة وتهنئةً
جيّدة، كافئ نفسك. عليك الآن أن تبطئ من وتيرة التقدّم، دعِ الأفكار التي
وضعتها في مسودتك تختمر في ذهنك جيّدًا قبل الانتقال للمسوّدة الثانية.
ما عليك فعله الآن هو إضفاء بعض التنوّعات والسمات المميّزة التي ستعطي
زخمًا إضافيًّا لروايتك دون أن تؤثّر على القالب الذي وضعناه. حاول أن
تجد السمة (الصفة العامّة) التي سيطرت على مسودّتك الأولى، كالليل (إذا
كانت أحداث الرواية تحدث في معظمها ليلًا مثلًا)، الأجواء الشتوية،
والطقس والأوقات التي تلاحظ حيازتها على الكثير من المشاهد. حاول أن
تقيّم السمات التي ترى سيطرتها على روايتك.
تحديد السمة سيساعدك على تحديد جملة الكلمات والتعابير التي استخدمتها
ومدى صلتها وتوافقها مع هذه السمة. لذلك حاول أن تدوّن السمات وقم
بمراجعتها، مثلًا إذا رأيت أنّك: تكثر من ذكر زقزقة العصافير أو وصف
الطيور، فإنه من الممكن أن تضيف مشهدًا لطير مريض أو مكسور الجناح كنوع
من تأكيد السمة.
دليلك لتأليف أولى رواياتك.. الشخصيات والموجز – الجزء الرابع
خارطة دليل الرواية، الخطوة الرابعة عشر: المسودّة الثانية
في هذه الخطوة ستكون فرصتك الأخيرة لتعديل الأفكار والحبكات التي ترى
فيها ضعفًا أو خللًا واضحًا. سترى أنّ هذه الخطوة عسيرة عليك وخصوصًا إذا
كانت أولى رواياتك، فغالبًا ما ستكون متعلّقًا بكل المشاهد والعناصر التي
قمت بتأليفها، وقد يشقُّ عليك إزالة بعضها أو تغييره ولكن عليك بتجاوز
ذلك والمضي قدمًا.
بعد أن أصبحت راضيًا عن البينة الأساسية لمسودّتك عليك الآن الانتقال إلى
إعادة صياغة وتحرير المسودّة. حتى مع المؤلّفين المتألّقين فإن المسودّة
الأولى تحتوي دائمًا على الكثير من الأخطاء والثغرات، وهذا مُتوقّع،
فالهدف من المسودّة الأولى هو تجسيد الأفكار التي وضعناها في جميع
الخطوات على الورق.
عليك البدء الآن بصقل مسودّتك الأولى، ستجد هذه الخطوة ممتعة حقًا، لأنك
ستكون على تماس مباشر مع الصياغة الأولى لروايتك وستجد شعورًا غامرًا
بالرضا وأنت تقوم بإعادة ترتيب العبارات وتبديل النصوص وإضافة التعابير.
والجدير بالذكر أنك أثناء صياغة المسودّة الثانية ستلاحظ أنك تضطر في
كثير من الأوقات إلى تعديل العبارات أو الكلمات التي استخدمتها مسبقًا.
وخلال هذه الخطوة ستلاحظ أنك بدأت تصل إلى لوحتك الفنيّة النهائيّة. في
هذه الخطوة يجب عليك إقصاء جميع التفاصيل غير المناسبة حتى وإن كانت
جميلة السياق، واحرص تمام الحرص على صياغة بنية لغوية متينة في هذه
المرحلة.
دليلك لتأليف أولى رواياتك.. تطوير الشخصيات والحبكات – الجزء الخامس
خارطة دليل الرواية، الخطوة الخامسة عشر: المسودّة النهائية
وصلنا أخيرًا إلى المرحلة النهائية وقد شارفت على الوصول إلى نقطة
النهاية، لا تكن مستعجلًا في إظهار لوحتك الفنية إلى الملأ بعد. خذ
استراحة لأسبوع واحد على الأقل ثم عد جولة أخيرة إلى روايتك. ستلاحظ أنك
تقتنص بعض الملاحظات والثغرات لم تكن تراها في مراجعتك الثانية، قم
بتصحيح وتصويب ما يحتاج لذلك.
وإليك بعض الأخطاء التي يجب عليك التنبّه لها، والتي يقع معظم الكتّاب في
شِركها في بداية طريقهم:
الإفراط في رسمية الحوارات
المشكلة الأساسية في الحوارات المُختلقة بين الشخصيّات هي أنها مُختلفة
تمامًا عن الحوارات الرسمية على أرض الواقع، فإذا ما وضع الكاتب صيغة
حوار رسميّ في روايته فسيجد القارئ في ذلك مللًا وسقمًا، وذلك لأن
الحوارات الواقعية مليئة بالجمل غير المكتملة والمُداخلات والمُقاطعات.
لذا يجب أن تحرص على أن يكون الحوار بين شخصياتك موجزًا ولكن واضحًا
وموجّهًا ويعطي في الوقت نفسه انطباع الحوار الواقعي. ولجعل الحوار أقل
رسميّةً قم بإقحام العناصر التالية فيه:
الحشو (كلام زائد)، على سبيل المثال: حسنًا، إذًا… إلخ.
المُقاطعات.
التنهّدات أو الاستراحات الكلاميّة.
هل أكثرت من وصف شخصيّاتك
نصيحة أخرى لا بد من أن تلتفت إليها قبل الانتهاء من عملك وهي: لا تكن
أنت من يصف شخصيّاتك، بل دع شخصيّاتك تصف نفسها بنفسها من خلال
تصرّفاتها، إليك مثالًا بسيطًا لذلك:
"كان رامز فوضويًّا، لم يرتب غرفته منذ شهور".
"قام رامز برمي الصحن على الطاولة المليئة بالأغراض، ثم التقط سرواله من
بين أكوام الثياب المكدّسة على الأرض".
أرأيت الفرق؟ في الجملة الثانية استطاع القارئ من خلال تصرّفات الشخصية
نفسها التعرّف على صفاتها. أما في الجملة الأولى فقد يستشعر القارئ ببعض
البرودة والروتينية في تلقي المعلومة وهذا يترك أثرًا رتيبًا سلبيًّا في
تقييمه لعملك.
طابع الحوارات
الحوار الجيّد بين الشخصيات من العناصر الهامة في الرواية الناجحة، فيجب
أن تشدُّ انتباه القارئ وتجعله يعيش لحظة الحوار بشكل واقعي. العديد من
الكتّاب حديثي العهد يقومون أثناء تأليفهم لحواراتهم باستخدام كلمة قال
ومشتقّاتها، كبيّن أو أشار أو نوّه أو ذكر… إلخ فيصبح الحوار شبيهًا بما
يلي:
"تبدين حزينة" قالت علياء
"نعم أنا كذلك" ردّت لجين
تابعت علياء "عليكِ أن تبتهجي قليلًا"
" لا يهمّ" أجابت لجين
هذا الأسلوب -رغم بهرجته بالمرادفات- ممل ويضفي طابعًا رتيبًا على
الحوار. وبدلًا من استخدام المفردات أو التوصيفات للتعبير عن طريقة حوار
الشخصيات، عليك بدلًا من ذلك أن تصف ردود الشخصيات بشكل حيوي عفوي كما قد
يجري في الواقع تمامًا، كما يلي:
"تبدين شاحبة" قالت علياء
لجين وهي تتنهّد "أنا كذلك"
تبسّمت علياء " عليكي أنا تبتهجي قليلًا"
" لا يهم" ردّت لجين متجهّمةً
لا تكن دؤوبًا جدًا في فكرة ما
بمعنى أن لا تكرر نفسك كثيرًا في شرح فكرة ما، محاولًا ترسيخها في ذهن
القارئ بتقديم المعلومة بأشكال وصيغ مختلفة، لا تفعل ذلك.
إليك مثالًا على ذلك:
"أبصر سعيد من بعيد سيّارة متوقّفة وقد أطلق بصره فيها ليرى أنها ليست
سوى سيارة الكاديلاك التي يعشقها، مضى مسرعًا في اتجّاه نوعه المفضل من
السيارات، وشعر بموجة حماس كبيرة عندما رأى أنها حديثة الطراز وبالكاد
تمالك نفسه من لمسها وتفحّصها".
لقد ذكرنا هنا لقارئنا أن سعيد مولع بسيارة الكاديلاك ثلاث مرّات ومع
المرّة الثالثة يكاد القارئ يقول بصوت مرتفع "لقد فهمت ذلك".
لذلك سيكون من الجيّد أن تقتطع من هذا النص ثاني عبارة تصف حبّه للسيارة
وستحصل على جملة متوازنة لا تشعر القارئ بالتخمة في معرفة معلومة ما.
بعد هذه الجولة النهائية من التدقيق والتمحيص في مسودّتك أنت الآن جاهز
لتقديمها للملأ، ولكن إليك نصيحة أخيرة، اعرض قطعتك الفنيّة المميّزة على
النقّاد والخبراء وحتى الكتّاب الآخرين واحصل على ملاحظاتهم وانتقاداتهم
واستفد منها في صقل عملك الفنيّ. هنالك العديد من المواقع التي تشتمل على
أشخاص مهتمين بمراجعة الروايات وتقديم النصائح، استثمر هذه المواقع بشكل
جيّد.
إلى هنا نكون قد انتهينا من خارطة دليل الرواية في خطواتها الخمس عشر،
وتبقّى الآن الخطوة الأخيرة وهي نشر روايتك، وفي هذا الصدد سنقوم بتفصيل
مراحل نشر الرواية والدور الخاصّة بذلك في وطننا العربي في مقال منفصل.
تعليقات
إرسال تعليق